فكري المتولي يكتب ..العفو عند المقدره .دروس من فتح مكه

دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا بعد سنوات من الأذى والاضطهاد الذي لاقاه من أهلها. دخلها متواضعًا مطأطئ الرأس، لا منتقمًا ولا متكبرًا، رغم أن النصر كان كاملاً بين يديه. اجتمع أهل مكة في المسجد الحرام ينتظرون الحكم، وهم يعلمون ما اقترفوه في حق النبي وأصحابه. لكنه فاجأهم بكلمات خالدة قال فيها: “ما تظنون أني فاعل بكم؟”، فقالوا: “أخ كريم وابن أخ كريم”، فقال لهم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
هذا الموقف ليس فقط درسًا في الرحمة، بل في قوة النفس، فالانتقام كان ممكنًا ومُبررًا، لكن العفو كان أبلغ. بهذا العفو، دخلت القلوب قبل أن تُفتح البلاد، وأسلم من أهل مكة من لم يكن يتوقع أحد إسلامهم.
العبرة هنا أن التسامح لا يصدر إلا عن نفس عظيمة، وأن الرحمة وقت القوة أبلغ من ألف خطاب. فليكن هذا الموقف نبراسًا لنا في حياتنا، مع من نختلف معهم، ومع من يخطئون في حقنا…..
فكري المتولي